۱٤ سبتمبر ۲۰۲۲، الدوحة – قطر: اختتمت اليوم أعمال النسخة الرابعة من منتدى الابتكار الذي استضافته دولة قطر بتنظيم من مركز قطر للمال ومجلس الخدمات المالية الإسلامية تحت رعاية مصرف قطر المركزي بمشاركة واسعة من أصحاب المصلحة الرئيسيين في مجتمع التمويل الإسلامي العالمي.
وأكد المنظمون بالمنتدى التزامهم بمواصلة التعاون لإيجاد حلول مستدامة لصناعة التمويل الإسلامي وذلك كجزء من مسؤوليتهم المشتركة لدعم الاستجابة العالمية للتصدي لتغير المناخ وركيزة التنمية البشرية التي جاءت في رؤية قطر الوطنية ۲۰۳۰.
وأكد سعادة الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني، محافظ مصرف قطر المركزي، في الكلمة الافتتاحية: "يتمثل الهدف الأساسي لمصرف قطر المركزي في تطوير إطار تنظيمي يعزز النمو والابتكار في قطاع الخدمات المالية"، كما اختتم سعادته قائلا: "في سبيل تحقيق التقدم، يحتاج العالم إلى ما هو أكثر من كلمات وقرارات وتوصيات؛ إن تحقيق ذلك بحاجة إلى إجراءات حقيقية على أرض الواقع".
ومسلطاً الضوء على أهمية التمويل المستدام وأثره على مشهد الخدمات المالية، خاطب السيد/ يوسف محمد الجيدة، الرئيس التنفيذي لمركز قطر للمال، الحضور قائلاً: "لا يزال هناك المزيد من العمل الذي يتعين علينا القيام به من أجل توسيع نطاق التمويل الإسلامي، ودعم الحوكمة البيئية والاجتماعية وتحقيق نسب أعلى من الشمول المالي. إن تبني أحدث الابتكارات، والتقنيات وأدوات التمويل المستدام سيسهم في فتح فرص جديدة أمام التمويل الإسلامي؛ بينما يظل العمل على وضع لوائح وسياسات مناسبة لتنظيم التمويل الإسلامي أمرٌ أساسي لنقل الصناعة إلى مستوى أعلى من النمو".
وتماشياً مع استراتيجية قطر الوطنية للبيئة وتغير المناخ لعام ۲۰۲۱ وخطة العمل الوطنية للتغير المناخي ۲۰۳۰ التي حددت أكثر من ۳٥ إجراءً مختلفاً وأكثر من ۳۰۰ مبادرة للتكيف مع الآثار المترتبة عن تغير المناخ، تبنى مركز قطر للمال سياسات بعيدة المدى للابتكار المالي لتحقيق التوازن بين التقدم الاقتصادي وضرورات حماية البيئة. كما أصدر مركز قطر للمال في وقت سابق من العام الجاري إطاراً تنظيمياً مستداماً للصكوك والسندات لتحفيز نمو القطاع وتحقيق أهداف التنمية المستدامة لدولة قطر.
ويعمل مجلس الخدمات المالية الإسلامية منذ العام ۲۰۰۲ بوصفه هيئة دولية واضعة للمعايير على تطوير صناعة خدمات مالية إسلامية تتسم بالحصافة والشفافية وذلك من خلال التوصية بإصدار معايير جديدة أو تكييف المعايير الدولية القائمة مع أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها.
وقال سعادة الدكتور/ بيلو لاوال دانباتا، الأمين العام لمجلس الخدمات المالية الإسلامية، خلال كلمته الترحيبية في المنتدى: "بينما يواصل التمويل المستدام نموه بوتيرة سريعة في صناعة التمويل الإسلامي محدثاً موجة كبيرة من التحول، نحن ندرك جيداً بأن التحدي الأكبر يكمن في إيجاد هيكل تنظيمي متطور يُلبي مختلف متطلبات التمويل الإسلامي. ونحن سعداء بهذا التحدي، وواثقون بأن مجلس الخدمات المالية الإسلامية قادر على سد الفجوة القائمة في اللوائح والتشريعات. إن عقد منتديات كمنتدى الابتكار هذا أمرٌ مهم لتحفيز تطوير حلول مبتكرة للتمويل المستدام، وإنشاء شبكة علاقات تكافلية تشمل جميع أصحاب المصلحة المهتمين بالصناعة وصياغة إطار تنظيمي وتطوير نظام فعال للتمويل المستدام".
هذا وقد قرر المنظمون استضافة النسخة الرابعة من منتدى الابتكار لمجلس الخدمات المالية الإسلامية في الدوحة بهدف توفير منصة للأطراف الفاعلة في صناعة الخدمات المالية الإسلامية لمناقشة آخر التطورات في مجال التمويل المستدام، والتكنولوجيا المالية والحوكمة المصرفية من خلال ثلاث جلسات نقاشية رفيعة المستوى.
وقد ركزت الجلسة النقاشية الأولى التي أدارها السيد/ هانك جان هوغيندورن، رئيس مكتب القطاع المالي في مركز قطر للمال، على تحليل مستقبل التكنولوجيا المالية ودورها في تعزيز منظومة الحوكمة البيئية والاجتماعية الأوسع.
كما استهدفت الجلسة عرض ومناقشة نتائج الدراسة الاستقصائية العالمية التي أجريت لتحديد أبرز التوجهات السائدة في مشهد التكنولوجيا المالية الإسلامية. وتعليقاً على نتائج الدراسة، تحدث السيد/ هانك قائلاً: "وفقاً لنتائج الدراسة الاستقصائية العالمية حول التكنولوجيا المالية الإسلامية لعام ۲۰۲۲ التي أجريت بدعم من مركز قطر للمال، حلّت دولة قطر ضمن أفضل عشرة دول في مجال التكنولوجيا المالية الإسلامية. كما أشارت الدراسة إلى وجود فرص كبيرة أمام هذا القطاع الناشئ وقدرته العالية على تحسين مستوى الشمول المالي وتوفير خدمات مصرفية مستدامة".
وتابع قائلاً: "يُسعدنا أن نرى قادة التمويل الإسلامي يجتمعون هنا اليوم لبحث ووضع أسس للمرحلة المقبلة من التنمية لدفع عجلة الابتكار إلى الأمام وإيجاد حلول فعالة تراعي التوازن بين تحقيق مكاسب مالية جيدة في صناعة التكنولوجيا المالية على سبيل المثال ومبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية. وستكون السنوات والعقود القادمة حاسمة في إيجاد وتطبيق هياكل مصرفية مستدامة".
بينما تمحورت الحلقة النقاشية الثانية الخاصة بالحوكمة البيئية والاجتماعية حول التكنولوجيات الرقمية الخضراء والمستدامة في صناعة الخدمات المالية الإسلامية، وناقشت أبرز التطورات والحلول الجديدة في هذا القطاع والاتجاه التصاعدي الملحوظ في الطلب العالمي على الاستثمارات الصديقة للبيئة والاهتمام المتنامي بالتمويل الأخضر المستدام.
وركزت الجلسة النقاشية الأخيرة حول الاعتبارات التنظيمية على الطرق التي يمكن من خلالها تسخير الابتكار للدمج بين تمويل الأهداف المتعلقة بمكافحة التغير المناخي، والحوكمة البيئية والاجتماعية وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة من جهة، وتنمية صناعة الخدمات المالية من جهة أخرى. كما سلّطت الجلسة الضوء على أهمية تطوير ووضع تصنيفات محلية لضمان المواءمة بين المساهمات المحددة على المستوى الوطني وتوزيع التمويل.
الجدير بالذكر، أن منتدى الابتكار الذي ينظمه مجلس الخدمات المالية الإسلامية يهدف إلى جمع مختلف أصحاب المصلحة المهتمين في مجتمع التمويل الإسلامي من جميع أنحاء العالم لتبادل الرؤى حول تطوير حلول تمويل مبتكرة قادرة على خلق ميزة تنافسية لصناعة الخدمات المالية الإسلامية. وقد تم إطلاق هذا المنتدى لأول مرة في مدينة جاكرتا بإندونيسيا، وسبق أن عُقد في كوالالمبور بماليزيا وجدة بالمملكة العربية السعودية قبل استضافته في الدوحة بدولة قطر.
ويعمل مركز قطر للمال جنباً إلى جنب مع مجلس الخدمات المالية الإسلامية لترجمة الطموحات المتعلقة بحماية البيئة والتصدي لآثار تغير المناخ إلى أهداف قابلة للتنفيذ وذلك كجزء من عمله المتواصل مع شركائه في صناعة التمويل الإسلامي والخدمات المصرفية لتقديم حلول تمويل متطورة ومستدامة تدعم دولة قطر في مسيرتها نحو تحقيق التنويع الاقتصادي وتجعلها خطوة أقرب نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.